ماهي العصا السحرية في تربية المراهقين؟

 تسود حياة المراهق الغموض، والاكتفاء الذاتي، وتنطوي على أسرار كثيرة وهي نتيجة طبيعية لاستقلالهم المتزايد، لكن دورنا كأهل أن نكون جزء من حياتهم ونحاول التقرب منهم، والحل الأمثل الذي يعد بمثابة العصا السحرية التي تبني علاقة طيبة مع أبنائنا المراهقين، وتجعل منهم أشخاصاً مميزين، هو الحوار الراقي..

تكمن أهمية الحوار الراقي عندما نوجه المعلومات باتجاه قيم وأهداف سامية، وهناك دراسات ودلائل على تغيرات هيكلية وعصبية في الدماغ مع كثرة الحوار، فكان القدماء يقولون: ” فلان انغسل دماغه”، هو فعلياً مَرَّ بمرحلة غيرت أفكار ثابتة في قناعاته. فلا تستهينوا بأهمية الحوار لأنه يغير الشخصية والنفسية والفكر طبعاً إما بالاتجاه الإيجابي أو السلبي.

من خلال هذا المقال سنقوم بتسليط الضوء على أهم النقاط التي من الممكن أن يشكل الحوار نقلة نوعية بفكر ونفسية ابنك المراهق حينما تطرحها بطريقة ذكية يستلطفها هو.

– أولاً: علاقة الوالدين.. يجب أن يكون  الحوار لطيفاً ومبنياً على علاقة طيبة بين الأم أو الأب والمراهق، فنحن بحاجة ماسة إلى  هذه العلاقة الصحية التي يسودها الحب والأمان والطمأنينة وشعور بمحبة المراهق من والديه، وكلما استشعر المراهق  أن والديه مهتمان به ويحبانه، ومتحمسين  لمشاركته القصص والمواقف ولسماعه كلما شعر بأنه بخير وبأمان.. وهذا الشعور ضروري جداً أن يعود له وقت الحاجة إليه عندما يقع في مشكلة أو عندما يمر بتجربة سيئة مع صديق السوء. لذا يجب أن يبقى رصيدكم لدى أبنائكم ممتلئاً بالحب والمشاعر الجميلة والعلاقات الطيبة.

– ثانياً: المعرفة.. فالمراهق بحاجة إلى أبواب كثيرة من المعرفة والأهل مصدر مهم للمعرفة، لذا عليهم أن يكونوا مصدر ثري وهام ليستقي أبنائهم المعرفة من خلالهم، ذلك لأنهم متواجدون معهم أغلب الوقت.

وعلى سبيل المثال: دعونا نستثمر المواقف التي تفتح باباً للمعرفة ونهل المعلومات ونسألهم عنها، فلو كنا بالسيارة ممكن نسأله هل تعرف كم حصان فيها هذه السيارة، ونبدأ نحدثه عن محركات السيارة، وهكذا نفتح معه موضوع موسع من المعرفة. وعلينا أن نراعي النقاط التالية في إعطاء المعلومات وهي: التنوع بالمواضيع، من دين، وجغرافيا، وتاريخ، وأكل، أو أي موضوع يفضله ابنك أو أنت، والنقطة الثانية: ألا نسترسل في السرد حتى لا تكون حواراتنا مملة. والثالثة: ألا يكون أسلوبنا تلقيني فقط بل يجب أن يكون متبادلاً.

– ثالثاً: حل المشكلات والتفكير الإبداعي، عندما نشارك أبناءنا المعرفة، ونمنحهم في كل مرة أفكاراً عن العالم الخارجي. ستشكل حواراتنا معهم مصدراً ثرياً لتوليد الأفكار الجديدة، وستخلق فرصاً لحل المشكلات، والتفكير من خارج الصندوق، وهنا يكمن التفكير الإبداعي الذي نحتاج لأن نطوره لدى شبابنا.

 فعلى سبيل المثال: عندما يعاني ابني المراهق من مشكلة صعوبة حفظ بعض فقرات المنهج أثناء دراسته، ففكر بفكرة إبداعية لحل مشكلته وهي أن ينشد المحتوى ويحفظه ليسهل عليه حفظه. تعتبر هذه الفكرة إبداعية علينا أن نشجعه ونحاول أن نهز بقية الأفكار لتتساقط علينا وتمطرنا.

– رابعاً: مستقبل ابنك.. الحوار يوجه ابنك نحو مستقبل أوضح رغم غموضه، صحيح من الممكن أن يسجل سنة أولى جامعة ولم يتأكد بعد  من صحة اختياره لتخصصه. لكن هذا لا يعني أن نحاوره  خلال  سنوات المراهقة عن مستقبله، وميوله، وجامعته والتخصص الجامعي الذي يفضله، وأن نختبر الذكاءات ونمط الشخصية، ونستشير مختص.

 فمن الضروري أن يكون المراهق على وعي تام بأهمية اختياره لتخصصه الجامعي ومستقبله عموماً. وعلينا كأهل أن نساهم في تكوين صورة واضحة عن مستقبل ابننا بشكل مبكر.

وعلى سبيل المثال: أذكر عندما كان ابنتي ليان في الخامسة من عمرها كنت أتحدث إليها عن أهمية تخصص الجامعة، وضرورة معرفة الفرع الذي سندخله، بالتأكيد كان أسلوب الحوار بسيطاً جداً، حيث كنت أقول لها أن كل إنسان قد منحه الله سبحانه قوة بشيء معين، وأنتِ أكيد قوية بأمر ما، وستكتشفينه عندما تكبرين. وكانت تقول لي أود أن أصبح طباخة، ومع الوقت انخفض لديها هذا  الشغف. لذا دورنا كأهل أن نساعد أبنائنا في اكتشاف شغفهم، وندعم تجاربهم، إلى أن تتقد هذه الشعلة .

– خامساً: الأصدقاء المتزنين، صحيح المراهقة هي الوقت الأمثل لصرف وقت أكثر مع الأصدقاء، لكن في لحظات كثيرة يحتاج ابنك وابنتك أن يعودوا لقاعدة متزنة، قاعدة آمنة ومهتمة ومستقرة في المنزل، وبعيدة عن الصخب، ودوامة إثبات الذات، والخداع، والاستهزاء وأي نوع من الضغوطات التي يمكن أن يواجهها ابنك المراهق مع أصدقائه. فهو بحاجة صوتك الدافئ وصداقتك الراقية وحوارك البعيد عن التقييم أو المتابعة، أن تكون مستعداً لسماعه ولتفريغ شحنات سلبية تعرض لها من الدنيا المتعبة التي كان فيها، فكونوا على قدر عالٍ من هذا النوع من الصداقة الجميلة لأنها ستوازن كثير من الأمور الشائكة.

– سادساً: خبراتك السابقة، تجاربك الماضية، وخبراتك المكتسبة في مرحلة المراهقة قد تكون ملهمة جداً لابنك وابنتك، ومن الممكن أن تكون مملة أيضاً، لذا يجب أن نكون أذكياء عندما نشاركها في حواراتنا مع أبنائنا المراهقين، ونروي لهم التحديات التي واجهتنا و أثرت على شخصيتنا بشكل إيجابي. وكيف تغلبنا عليها؟، فمن الطبيعي أن نشاركهم الأخطاء، لأنه نحن بشر ومن الممكن أن نخطئ، وكيف حاولنا أن نعدل الخطأ فيما بعد. وننصحكم بألا تحاولوا أن تكذبوا عن ماضيكم، كأن تقول : ” كنت الأول دائماً في صفي” . ممكن أن تقول أنني كنت مجتهداً. اكتفوا بالقصص الحقيقية أو التي تتضمن عبرة، ولا تتفاخروا بالقصص المؤذية كالغش أو ضرب لأصدقاء، أو تنمر على المدرسين، أو سباق سيارات أو تدخين. أنتم بذلك تطلقون قنبلة موقوتة.

أخيراً فالحوار يعني توازن هادئ، وهو ما يحتاجه ابنك المراهق الذي يعيش تصادم بين عدم النضج العاطفي والدافع للتجربة والمخاطرة. والتي تجعله متهوراً ويتخذ قرارات خاطئة تؤثر على مزاجه وسلوكه.. فالوجود الإرشادي والحب الغير مشروط المتوفر من الأهل لموازنة حياة المراهق هي أفضل طريقة لضمان حياة سليمة وصحية وهذا بمجمله يتحقق من خلال الحوار الراقي..

منصة قبس معكم على الدوام من خلال مساعدة المراهقين في اختيار تخصصهم الجامعي بدقة عن طريق مستشارين متخصصين في هذا المجال. فكونوا من ضمن مئات الطلاب الذين استعانوا بالمستشارين المتواجدين على هذه المنصة.