بواسطة: قبس
مشاركة
بواسطة قبس
مشاركة
” لتفهم المراهق انظر إلى العالم من عينيه“
يقول عالم النفس الأمريكي ستانلي هول (إن المراهقة فترة تستحق موضع اهتمام علم النفس بأكمله) لذا يجب علينا أن نولي هذه المرحلة الكثير من الاهتمام والتقبل والصبر على السلوكيات . وعملياً هناك فجوة كبيرة بين لغتي الأهل والمراهقين علينا أن نردمها بإحداث جسر للتواصل الإيجابي بينهم.
عزيزي المربي هذا المقال سيكون بمثابة نظارة مبتكرة ترتديها لتنظر بعيون ابنك المراهق أو ابنتك المراهقة .. ليسهل عليك فهم وتفسير أسباب سلوكياتهم و كيفية التعامل معها، لنبدأ بها:
1- الأمور الشخصية: يرى المراهق من وجهة نظره أن أي تدخل من والديه، أو مساعدة هو بمثابة تقليل من شأنه وعدم تقدير لمحاولاته، ومع أنه لا يمتلك الخبرة الكافية إلا أنه يرى أنه من الضروري أن يأخذ فرصته ليتدرب ويكتسب الخبرة من خلال التجربة.
2- الأصدقاء: لاشك أن اختيار الأصدقاء في مرحلة المراهقة يجب أن يخضع لرقابة الأهل، إلا أن المراهق يراه من وجهة نظره بأنه تعدي للخصوصية و وضع الحدود في الاختيارات. لذا ننصح الأهل في حال وجود خلافات مع أبنائهم بشأن اختيار أصدقائهم إيجاد بيئة بديلة ليلحظ أبنائهم الفروقات بشكل أفضل.
3-اختيار الملابس: قد يؤدي اختيار الملابس إلى معارك يومية، فيرى المراهق من وجهة نظره بأن أصبح شاباً وقادراً على اختيار ملابسه بنفسه. و في هذه الحالة على الأهل أن يلفتوا نظر ابنهم بطريقة غير مباشرة فلو لاحظت عزيزي المربي أن ابنك ارتدى ملابس غير متناسقة ولائقة أن تتجنب الدخول بصدام مباشر معه وأن تقول له بطريقة سلسة أن اختياره للألوان غير متناسق نوعاً ما. وفي حال رفض وهذا أمر طبيعي تقبلوا ذلك فهناك معارك أهم وأسمى.
4- تنظيم الوقت: يتوقع معظم المربين أن تصرفات أبنائهم المراهقين يجب أن تميل لأن تكون مثالية خاصة في كيفية إدارة الوقت، وأنه يجب على أبنائهم أن يستغلوا أوقاتهم مابين دراسة، وممارسة الرياضة، ومشاهدة برنامج مفيد، أو مقابلة صديق محبب. الأمر الذي يولد ضغط كبير على أولادنا يشعرهم بالتوتر والاستياء.
لذا على الأهل منح أبنائهم وقت يومي مستقطع وليكن ساعتين يكون لديهم الحرية المطلقة في التصرف بها.
5-الإقناع: الأهل المتسلطون هم الذين يمنعون المراهق من إبداء رأيه، بل هم يعتبرون أن آرائهم تعتبر بمثابة أوامر عسكرية وجب تنفيذها. هذا النوع من الأساليب مرفوض التعامل بها مع ابنك المراهق إذا أردت نتائج إيجابية. وكثيراً ما تتكرر عبارة ” أنت لا تعرف مصلحة نفسك”.. هذه العبارة يكرهها المراهق لذا عليك تجنبها، واستبدالها بعبارات أخرى مثل : ” مارأيك بهذا الموضوع؟” أو ” أعطني حلولاً لهذه المشكلة” أو ” لو كنت مكاني ماذا كنت لتفعل”. مثل هذه العبارات تكون بمثابة تدريب للمراهق على إيجاد البدائل وتجنب المشكلات وعدم تكرارها.
6-التمنين: عادة ما يقوم الأهل بتذكير أبنائهم بالواجبات والخدمات التي يقومون بها اتجاههم، وهذا الموضوع حساس لأنه إذا تكرر بشكل يومي سينعكس تأثيره سلباً على شخصية المراهق، وبالتالي فالمراهق لن يتقبل عبارات مثل : ” أنا بصرف عليك”، أو “ماذا ينقصك” ، أو ” أنا لست مقصراً معك بشيء”
وهذا النوع من التمنين يجعل هناك شرخ كبير في العلاقة بين الأبناء والأهل.
7-الحرص الزائد: يعاني بعض الأهل من الإفراط الزائد في الهوس والخوف على أبنائهم، وتوقعات سيئة للأحداث، فمن الممكن أن يحرموا ابنهم المراهق أو ابنتهم من نشاطات جماعية تخوفاً من أي أمر ممكن أن يحصل لهم.
بينما أبنائهم يرونه من وجهة نظر أخرى تفسر على أنها حرمان وهم على حق، فالتوازن مطلوب وحساب السلامة أمر ضروري لكنكم لن تكونوا معهم بكل نشاطاتهم، وحتماً سيأتي اليوم الذي سيكونون فيه مع غيركم ، لذا عليكم أن تتأكدوا من حرص الناس الذين يرافقونهم ، وتوكلوا على الله وأرسلوهم برحلة يغامروا فيها.
8-الواجبات الاجتماعية: غالباً ما يطالب الأهل أبنائهم المراهقين بواجبات اجتماعية ثقيلة، فالسلام على الضيوف ومساعدة الأب بضيافتهم واجب لكن ليس بالضرورة أن يجلسوا معهم كل الجلسة خاصة أن أحاديثهم لا تعني لهم شيئاً، فمن الضروري أن نقدر فارق العمر، أما المهارات الاجتماعية فيتم تطويرها على مراحل بسيطة بتجمعات صغيرة وعلى فترات متباعدة وليس غصباً.
9- التمييز: تختلف بعض البيوت في طريقة تعاملها بين الولد والبنت، لكنه من الضروري أن تكون القوانين التي تحكم التربية بين الولد والبنت واحدة، والتعامل من ناحية الثواب والعقاب واحدة أيضاً. وألا نفضل الذكر على الأنثى أو العكس.
ففي هذه المرحلة تزداد حساسية المراهقين لدرجة تجعلهم يراقبون تصرفات الأهل معهم ويبحثوا عن أي ثغرة يمسكوها عليهم، لذا العدل .. العدل..
بالإمكان أن نوضح أسباب المنح إذا كانت للولد مثلاً: إذا ذهب الولد لوحده ليشتري أغراضه فواجب الأم أن تشرح لابنتها أنه من الطبيعي له كـشاب أن ينزل الشارع ويحضر الأغراض، أما الابنة فنزولها المتكرر وهي صغيرة يعرضها للخطر ، وحالما تكبر ستكون قادرة على النزول بمفردها، احترمي مشاعرها واشرحي لها وعوضيها بمشوار بمفردكما.
10- القدوة: كثيراً ما يؤكد خبراء التربية على موضوع ” التربية بالقدوة” فغالباً ما يطالب الأهل أولادهم المراهقين بأفضل السلوكيات وأحسن الدرجات وأروع الأخلاق.
تصرف إيجابي واحد من المربي كفيل بتأكيده لدى قيم المراهق أكثر بعشرات المرات من ترديده على مسمعه. فلو كنت حريصاً على أن يصلي ابنك سارع إلى الصلاة في موعدها، وإذا كنت حريصاً ألا يدخن ابنك المراهق فاحرص أولاً ألا تدخن طوال اليوم أمامه.
وأنت كأم تحبين أن تزرعي لدى ابنتك المراهقة قيم إسلامية لترفع من شأن الأمة بالمستقبل، كيف تستغلين وقتك كل يوم؟ هل تسمعك ابنتك وأنت جالسة تكلمين صديقاتك على الهاتف طوال اليوم بمواضيع فارغة ؟ أم تشغلين نفسك بما يرضي الله ورسوله؟
وإذا أردتي أن تحببي ابنتك بالحجاب فعليك أن تسالي نفسك هل أنا ملتزمة بحجابي أم أنني لست متأكدة من ثباته.
عزيزي المربي.. عزيزتي المربية علينا أن ننتبه لكل سلوك يصدر منا فنحن أهم قدوة لأبنائنا، وكما يقول الشاعر أبو الأسود الدؤلي:
لا تنه عن خُلق وتأتي بمثله.. عار عليك إذا فعلت عظيم.
وفي الختام واجبنا نحن كمربين أن نربي أبنائنا لزمانهم وليس لزماننا نحن، ونحترم الاختلافات العظيمة التي نشهدها، مع عدم تخلينا طبعاً عن القيم والقوانين والحدود لكن التفهم والاستماع والإنصات مهارات نحتاجها لنعيش حياة أمتع وأجمل وأرقى كلانا .. الاختيار لديكم فماذا تختاروا؟..